يشكل الاستقبال الملكي الذي خص به صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله المنتخب الوطني النسوي لحظة تاريخية واستثنائية في مسار الرياضة المغربية، وتحديدًا كرة القدم النسوية، هذا التكريم السامي جاء تتويجًا للمجهودات الجبارة التي بذلتها لبؤات الأطلس خلال مشوارهن في كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024، حيث بصمن على أداء مشرف تُوج بالحصول على المركز الثاني عن جدارة، بعد أن أظهرن قتالية كبيرة وروحًا عالية في مختلف المباريات.
هذا الاستقبال الملكي لا يُعد حدثًا معزولًا، بل يندرج ضمن رؤية استراتيجية شاملة يقودها جلالة الملك، تهدف إلى تمكين المرأة المغربية وتعزيز مكانتها في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضة ، فقد أصبح تطوير كرة القدم النسوية في المغرب مشروعًا وطنيًا يحمل بُعدًا اجتماعيًا وتنمويًا، يعكس إرادة سياسية واضحة لتكريس قيم المساواة والعدالة.
منذ سنة 2019، شرعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، برئاسة فوزي لقجع، في تنفيذ خطة طموحة لتأهيل كرة القدم النسوية على أسس احترافية، شملت هذه الخطة إحداث دوري وطني منظم بقسميه الأول والثاني، وتعميم بطولات الفئات السنية للفتيات، مع تخصيص دعم مالي شهري للأندية النسوية، كما تم التركيز على التكوين التقني عبر تأهيل المدربات والمدربين، وإنشاء مراكز للتكوين خاصة بالفتيات، فضلاً عن إدماج كرة القدم النسوية في الأكاديميات الجهوية، والتعاون مع المؤسسات التعليمية لاكتشاف المواهب في سن مبكرة.
إنجازات المنتخبات النسوية: من المحلية إلى العالمية
أثمرت هذه السياسة نتائج ملموسة، حيث شارك المنتخب الوطني النسوي لأول مرة في كأس العالم 2023، ونجح في بلوغ دور الـ16 في إنجاز غير مسبوق على الصعيد القاري ،كما حصد وصافة كأس أمم إفريقيا للسيدات في نسختي 2022 و2024، ليؤكد الحضور القوي للكرة النسوية المغربية على الساحة الإفريقية والدولية.
حقق المنتخب المغربي النسوي الأول قفزة نوعية، حيث احتل المركز الثاني في كأس الأمم الإفريقية للسيدات نسختي 2022 و2024، وشارك لأول مرة في كأس العالم 2023 ونجح في التأهل إلى الدور الثاني، مما رفع من سقف التطلعات وأكد نضج المشروع الكروي النسوي بالمغرب.
لم يقتصر النجاح على المنتخب الأول، بل امتد إلى الفئات العمرية، حيث تأهل منتخب أقل من 20 سنة إلى كأس العالم كولومبيا 2024، بعد المشاركة الأولى في مونديال كوستاريكا 2022. كما تأهل منتخب أقل من 17 سنة إلى مونديال جمهورية الدومينيكان 2024، بعد الظهور الأول في الهند 2022، ما يؤكد العمل القاعدي الجيد الذي تقوم به الجامعة.
سجل المنتخب النسوي المغربي لكرة القدم داخل القاعة إنجازًا كبيرًا بتتويجه بلقب النسخة الأولى من كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة (WAFUTSAL) سنة 2025، التي احتضنها المغرب، وفاز خلالها بجوائز أفضل لاعبة وأفضل هدافة وأفضل حارسة مرمى، ما يعكس الهيمنة المغربية على هذا النوع من المسابقات.
على مستوى الأندية، تُوج الجيش الملكي بلقب دوري أبطال إفريقيا للسيدات 2022، بينما بلغ نهائي نسخة 2023، التي شهدت أيضًا وصول نادي سبورتينغ كلوب الدار البيضاء إلى النهائي في أول مشاركة له، ليصبح المغرب أول بلد يصل فيه فريقان مختلفان إلى نهائي البطولة القارية، في إنجاز غير مسبوق.
ما تحقق في ظرف سنوات قليلة يعكس حجم الطفرة التي تعيشها كرة القدم النسوية بالمغرب، نتيجة رؤية واضحة، واستثمار هادف، ودعم ملكي غير محدود. التكريم الملكي الأخير هو عربون تقدير لهذه الدينامية، ودعوة لمواصلة البناء على ما تحقق، من أجل مستقبل أكثر إشراقًا، يجعل من الرياضة رافعة للمساواة والتمكين المجتمعي والتميز الدولي.
0 تعليقات الزوار