هبة سبور-عمرو البوطيبي
أثار التصريح الذي أدلى به المدرب الوطني نبيل باها عقب مباراة المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة أمام الولايات المتحدة الأمريكية نقاشاً واسعاً، خاصة في أوساط نساء ورجال التعليم الذين رأوا في كلامه نوعاً من تفضيل الممارسة الكروية على العلم والدراسة، معتبرين أن حديثه ينطوي على تبخيس غير مباشر لدور المدرسة.
غير أن القراءة المتأنية للتصريح تكشف أن الأمر أخذ أبعاداً أكبر مما يحتمل. فالكثيرون يتفقون على أن الميل إلى اللعب واللهو طبيعة بشرية، ترافق الأطفال والفتيان، بل وحتى الراشدين في كثير من الأحيان. جميعنا يتذكر تلك اللحظات التي كنا نفرح فيها حين نُخبَر بغياب أستاذ أو معلم، دون أن يعني ذلك أننا نكره المدرسة أو نرفض التعلم. بل هو شعور تلقائي يعكس الرغبة في لحظة خفيفة خارج الروتين الدراسي.
تصريح باها جاء في هذا السياق: إحساس عفوي، بدون نوايا سلبية أو أي محاولة للنيل من قيمة المؤسسات التربوية. فلو طُرح نفس السؤال على أي فتى يعيش حماس بطولة عالمية، ويمثل بلاده في محفل دولي، لربما جاءت إجابته قريبة جداً من كلام باها، لأن الرياضة بالنسبة لهؤلاء تعني الشغف، المتعة، الشهرة، وتحقيق الذات.
لذلك، فإن تحميل التصريح أكثر مما يحتمل لا يخدم النقاش، خاصة وأن باها نفسه نتاج المنظومة التعليمية والكروية، فقد تدرج في مدارجها حتى أصبح مدرباً قادراً على التعبير والتحليل والنقاش بطلاقة. بل إن الكثير من الآباء يستعملون نفس الأسلوب معه، بربط الاجتهاد الدراسي بمنح الأبناء هامشاً أكبر لممارسة هواياتهم، وفي مقدمتها كرة القدم.
إن المدرسة بكفاءاتها وبرجالها ونسائها تظل أساس تكوين الأجيال، ومكاناً نكن له جميعاً كل الاحترام، رغم أنه يرتبط في أذهاننا بالفروض والامتحانات والاستيقاظ المبكر. أما كرة القدم فهي مساحة الفرح والمتعة. والجمع بين الاثنين لا يتعارض، ولا يلغي أحدهما الآخر.
وعليه، فتصريح نبيل باها لا يمكن فهمه إلا باعتباره تعبيراً عفوياً ومباشراً عن هذه المفارقة الطبيعية بين الواجب والمتعة، بعيداً عن أي نية للتقليل من قيمة التعليم أو دور المدرسة في بناء المجتمع.



















0 تعليقات الزوار