كان نصير مزراوي واحدًا من أبرز رجال مباراة أمس، بعدما قدّم مستوى عاليًا يؤكد قيمته الفنية والتكتيكية داخل المنظومة الوطنية. حضور قوي فوق أرضية الملعب، وشخصية واثقة، وتركيز ذهني عالٍ جعله عنصرًا حاسمًا في لحظة مفصلية من اللقاء.
اللقطة التي فكّ بها المنتخب المغربي شفرة دفاع جزر القمر تختصر كثيرًا من قيمة مزراوي. تمريرة حاسمة ذكية، وباس نقي كسر به التكتل الدفاعي في غفلة، مانحًا إبراهيم دياز مساحة تسديد مثالية استغلها بنجاح لهز الشباك. تمريرة لا يصنعها سوى لاعب يقرأ اللعب قبل وقوعه بثانية.
صحيح أن أشرف حكيمي يبقى النجم الأول و”السوبر ستار” داخل المنتخب الوطني، لكن مزراوي بدوره لاعب صف أول، وحضوره يمنح الاطمئنان الكامل في مركز الظهير الأيمن. أكثر ما يميّز مزراوي هو نضجه الذهني؛ لاعب “خاتر” وذكي، يعرف متى يضغط ومتى يهدّئ اللعب، ويتعامل مع الكرة بثقة كبيرة حتى في أصعب الظروف.
تكتيكيًا، يظل مزراوي من أكثر اللاعبين المغاربة اكتمالًا في الوقت الحالي. قدرته على التحرك دون كرة، والدخول إلى العمق والتحول إلى لاعب وسط إضافي، تمنح المنتخب حلولًا متعددة في البناء والخروج بالكرة تحت الضغط. كما يتميز بقدرته على خلق ثنائيات منسجمة مع زملائه، مع لمسة تقنية دقيقة تضيف نغزة خاصة لأسلوب لعبه.
ويمتلك مزراوي ميزة نادرة، وهي اللعب بكلتا القدمين بنفس الجودة تقريبًا، ما يجعله مميزًا في الاستلام والتمرير، سواء باليمنى أو اليسرى. هذا التنوع يمنحه أفضلية واضحة في مراحل البناء الأولى، ويُصعّب مهمة الضغط عليه من طرف الخصوم. وإلى جانب ذلك، لا يتردد في التسديد من خارج المنطقة، كما شاهدنا في تسديدة اليوم بالقدم اليسرى، التي كادت أن تُترجم لهدف لولا تألق الحارس.
في المحصلة، يواصل نصير مزراوي تأكيد مكانته كأحد أعمدة المنتخب الوطني، ويفرض نفسه كخيار موثوق ووازن في أعلى المستويات. وبين نجومية حكيمي وحضور مزراوي، يبدو مركز الظهير الأيمن في أيدٍ أمينة، مع لاعب لا يقل قيمة وتأثيرًا في المنظومة الوطنية.
مزراوي اليوم، وبدون مبالغة، يرسّخ نفسه كثاني أفضل لاعب مغربي من حيث الحضور التكتيكي والنجومية الأوروبية، مباشرة بعد النجم الأول أشرف حكيمي.
عمرو البوطيبي _ هبة سبور




















0 تعليقات الزوار