وجد الاتحاد الكاميروني لكرة القدم نفسه غارقًا في حالة من الفوضى غير المسبوقة، قبل أيام قليلة فقط من انطلاق نهائيات كأس إفريقيا 2025 المقررة بالمغرب، بسبب صراع مفتوح أشعله رئيسه صامويل إيتو، بات يهدد استقرار “الأسود غير المروّضة” ومستقبل مشاركتهم القارية.
ويخوض إيتو، الذي احتفل يوم الخميس بمرور أربع سنوات على توليه رئاسة الاتحاد الكاميروني، حربًا مباشرة مع مدرب المنتخب، البلجيكي مارك بريس، في ظل خلاف حاد حول مشروعية إقالته، رغم أن الأخير لا يزال مرتبطًا بعقد رسمي مع وزارة الرياضة الكاميرونية يمتد إلى غاية سبتمبر 2026.
ورغم عدم صدور أي قرار رسمي بإنهاء مهام بريس، أبلغه إيتو بشكل مباشر بأن فترته مع المنتخب انتهت، ما فجّر أزمة مؤسساتية حقيقية داخل الكرة الكاميرونية، سرعان ما انعكست على التحضيرات لكأس إفريقيا.
وتفاقمت الأزمة عندما أعلن الاتحاد الكاميروني، بقيادة إيتو، عن قائمة من 28 لاعبًا للمشاركة في كأس إفريقيا، عقب اجتماع طارئ عُقد في 1 ديسمبر، إلى جانب تعيين ديفيد باغو مدربًا جديدًا للمنتخب خلال البطولة، في خطوة زادت من حدة الجدل.
وباغو، الذي تم تسجيله رسميًا كمدرب للكاميرون على موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، عقد مؤتمرًا صحافيًا استعرض فيه طموحات المنتخب، مدعومًا بطاقم تقني عيّنه إيتو شخصيًا، في وقت لم يكن فيه مارك بريس قد غادر منصبه رسميًا.
وشهدت قائمة “منتخب إيتو” استبعادات صادمة، أبرزها الحارس أندريه أونانا، والمهاجم إريك ماكسيم تشوبو موتينغ، إضافة إلى القائد والهداف التاريخي فينسنت أبوبكر، ما أثار موجة استياء واسعة داخل الشارع الرياضي الكاميروني.
ووفقًا لما أوردته صحيفة “ذا صن” البريطانية، فإن قرار استبعاد فينسنت أبوبكر لم يكن تقنيًا فقط، بل ارتبط برغبة إيتو في منع المهاجم من تحطيم رقمه القياسي كأفضل هداف في تاريخ منتخب الكاميرون، إذ يحتاج أبوبكر إلى 12 هدفًا لتجاوزه.
غير أن المشهد انقلب رأسًا على عقب، يوم الأربعاء، بعدما رفض مارك بريس الاعتراف بإقالته، وأعلن بدوره عن القائمة الرسمية للمنتخب الكاميروني المشاركة في البطولة، معيدًا أونانا وتشوبو موتينغ وأبوبكر إلى صفوف “الأسود”.
وفي تصريحات نارية تناقلتها وسائل الإعلام، قال بريس: «كان هدف إيتو دائمًا إقالتي بأسرع وقت ممكن. منذ اللحظة الأولى أهانني، لكنه وجد منافسًا حقيقيًا».
وأضاف، في إشارة إلى استبعاد الثلاثي:«كيف يمكنك الذهاب إلى كأس إفريقيا دون حارس عالمي مثل أونانا أو دون أبوبكر؟ هذا غير معقول، لكنه لا يفاجئني، فهو صادر عن شخص نرجسي يعتقد أنه الأفضل».
وأكد المدرب البلجيكي تمسكه بمنصبه، قائلاً:«ما لم تصدر مذكرة رسمية من رئاسة الجمهورية بتعيين ديفيد باغو، فإن مارك بريس يظل المدرب الشرعي للمنتخب الكاميروني، وهذا ليس محل نقاش».
ويُعد هذا الصراع حلقة جديدة في سلسلة الخلافات بين إيتو وبريس، إذ سبق للمدرب البلجيكي أن هدد بالاستقالة العام الماضي، بعد إقصاء مساعده يواكيم مونانغا من الطاقم الرسمي، في خطوة اعتُبرت حينها محاولة مباشرة لتقويض سلطته.
وفي ظل هذا الوضع المرتبك، يدخل المنتخب الكاميروني نهائيات كأس إفريقيا في أجواء مشحونة، وسط تساؤلات كبيرة حول هوية المدرب، شرعية القوائم، وقدرة “الأسود غير المروّضة” على المنافسة في بطولة لا ترحم الأخطاء التنظيمية.




















0 تعليقات الزوار